ملخص المقال
دعت صحيفة الجارديان البريطانية الحكومة الفرنسية للبقاء بعيداً عن الشأن التونسي والسماح لتونس وشعبها بترسيخ قواعد البناء الديمقراطي
دعت صحيفة الجارديان البريطانية، في عددها الصادر الاثنين 18 فبراير2013م الحكومة الفرنسية، للبقاء بعيدًا عن الشأن التونسي، والسماح لتونس وشعبها بترسيخ قواعد البناء الديمقراطي والعبور بسفينة الوطن للنهوض من جديد عقب ثورة الياسمين.
ونشرت الصحيفة مقالاً بعنوان"دعوا تونس تبني ديمقراطيتها بعيدا عن التدخل الفرنسي" أشارت فيه إلى الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي في تونس حيث وقف التونسيون أمام السفارة الفرنسية هاتفين ارحل في إشارة منهم لرفضهم للتدخل الفرنسي في شئون البلاد.
ولفتت الجارديان إلى أن الإعلام الفرنسي شن حملة بغرض تشويه صورة تونس ما بعد الثورة، كما أشارت إلى أن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فال قد صرّح أن تونس لم تكن نموذجًا للربيع العربي نظرا لنظامها الدكتاتوري الإسلامي الفاشي الذي يقوده الإخوان المسلمون والسلفيون، والذي يشكل تهديدًا للحقوق والحريات في دولة قريبة جدا من فرنسا، وأنه لا يمكن التساهل مع هذا الأمر، كما أنها ستدعم العلمانيين والحداثيين ضد الإسلاميين ـ على حد تعبيره ـ.
كما أكدت الصحيفة أن تصريحات "فال" تزامنت مع حملة سياسية داخل الدولة حاولت الاستفادة من عملية اغتيال "بلعيد" لتدعو إلى الانقلاب على الحكومة المنتخبة واستبدالها بجهة غير منتخبة, وأضافت الجريدة أن السياسيين الفرنسيين لا يدركون أن الانتقال إلى الديمقراطية يتطلب وقتا وجهدا، بما في ذلك إعادة بناء هيئات الدولة واجتثاث الفساد من جذوره إضافة إلى تأسيس النظام القضائي.
وقالت الصحيفة في المقال الذي نشر على موقعها الإلكتروني: إنه بالرغم من أن تونس نالت استقلالها من فرنسا عام 1956م، إلا أن كلا من الساسة الفرنسيين ووسائل الإعلام الفرنسية لا تزال تتدخل في الشئون الداخلية للبلاد.. لافتة إلى أنه ومنذ عدة أسابيع، ووسائل الإعلام الفرنسية تشن ما يراه بعض التونسيين بمثابة حملة لتشويه سمعة ما بعد الثورة التونسية.
وأوضحت الصحيفة أن تصريحات "فال" تزامنت مع إطلاق حملة سياسية داخل البلاد، استغلت اغتيال "بلعيد" للدعوة إلى إسقاط الحكومة المنتخبة لتحل محلها أخرى غير منتخبة، ودعا رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي إلى حل الجمعية التأسيسية الوطنية المنتخبة، نظرا لأنها فقدت شرعيتها، وذلك للسماح لـ"مجلس الخبراء" بتولى دور صياغة دستور البلاد.
وأردفت صحيفة "الجارديان" البريطانية تقول في مقالها التحليلي "وفى خضم هذا التوتر الداخلي، تحيز وزير الداخلية الفرنسي بشكل صارخ تجاه جزء واحد من المشهد السياسي التونسي، مما أعطى انطباعا بأن فرنسا تسعى لفرض خياراتها الخاصة على الناخبين التونسيين".
واعتبرت الصحيفة أن الساسة الفرنسيين لا يبدو أنهم مدركون لفكرة أن عملية التحول والانتقال الديمقراطي تتطلب وقتا، وجهدا مضاعفا، لاسيما وأنها تنطوي على إعادة بناء مؤسسات الدولة واستئصال الفساد وإنشاء نظام قضائي عادل.
واستنكرت الصحيفة فكرة عدم ثقة فرنسا في الأحزاب الحاكمة، أو حتى في خيارات الشعب التونسي، فضلا عن شعورها بخيبة الأمل في تونس وقت رفض الأخيرة، على عكس الجزائر، فتح مجالها الجوى لمرور القوات الفرنسية لدخول مالي، وإصدار الحكومة التونسية بيانًا يعارض التدخل الأجنبي؛ الأمر الذي يثير تساؤلا مهما بشأن الكيفية التي يمكن من خلالها فهم طريقة سير السياسة الخارجية الفرنسية في الشأن التونسي.
ورأت الصحيفة أن معظم التونسيين يتطلعون إلى نموذج الحداثة، حيث تتبنى قيم الحضارة الإسلامية نظام الحقوق العالمية، الأمر الذي يمثل جهدا ثقافيا وتعليميا وسياسيا ومدنيا، ينبغي أن يقوم به كل من السياسيين التونسيين والعلماء والمجتمع المدني والمؤسسات بأنفسهم في الجمهورية الوليدة.
واختتمت الجريدة بقولها أن الثورة الفرنسية ظلت أكثر من قرن حتى تبني ديمقراطيتها وتتساءل هل ترفض فرنسا أن تنال تونس نفس المصير بنفسها بدون أي تدخل خارجي؟.
التعليقات
إرسال تعليقك